Conferences

الذكاء الاصطناعي، النظم المعقّدة والإدراك: نمذجة التفكير البشري عبر الذكاء متعدد الوسائط

قدّم د. ربيع أمهز محاضرة في جامعة فريبورغ، سويسرا، ضمن سلسلة محاضرات رؤيوية عن التحول الرقمي وعلوم الأعصاب. بعنوان:
الذكاء الاصطناعي، النظم المعقّدة والإدراك: نمذجة التفكير البشري عبر الذكاء متعدد الوسائط

بدعوة من د. سامي ريما مدير ماجستير علوم الأعصاب الرقمية في جامعة فريبورغ.

ألقيت المحاضرة يوم الثلاثاء 18/11/2025، الساعة 10:00 صباحًا بتوقيت جنيف. وكانت محاضرة عامة باللغة الإنجليزية.

أبرز ما جاء فيها:

يتحوّل الذكاء الاصطناعي اليوم من مجموعة خوارزميات قوية إلى شريك حقيقي للإدراك البشري. في المحاضرة الأخيرة، قدّم د. ربيع أمهز رؤية معمّقة حول هذا التحوّل، مركزاً على الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، وإلهامه من علم الأعصاب، والواقع التشغيلي للأنظمة المعقّدة. جاءت الجلسة كرحلة منهجية لفهم الذكاء البشري، والاصطناعي، والهجين ولتحليل كيف تعيد النماذج الحديثة تشكيل مستقبل البيئات الحسّاسة مثل الطيران، والتصنيع، والعمليات الرقمية.

بدأت المحاضرة بسؤال مباشر: ما هو الذكاء؟ بدلاً من اختزاله في تعريف واحد، تبنّت الجلسة تنوّعه المفاهيمي: الفلسفي، المعرفي، العصبي، والحاسوبي. وفي السياق العلمي المعاصر، يُنظر للذكاء باعتباره نظاماً تكيفياً معقّداً، ديناميكي، تفاعلي، ويعتمد بشدة على السياق. هذا المفهوم كان الأساس الذي بُني عليه كامل الحوار.

من perceptrons خمسينيات القرن الماضي، إلى البنى المعتمدة على الانتباه (Transformers) اليوم، تتبّعت المحاضرة أثر علم الأعصاب في تطور الذكاء الاصطناعي، وكيف حاولت الخوارزميات تقليد آليات الإدراك البيولوجية. التعلّم التعزيزي يحاكي مسارات المكافأة. الشبكات الالتفافية تعكس التسلسل الهرمي لمعالجة الرؤية. والأنظمة الحديثة تتعامل مع البيانات على أنها بنى مترابطة تشبه الرسوم البيانية الديناميكية.

جزء أساسي من الجلسة تناول حقيقة عملية: اختيار النموذج المناسب ليس مسألة حدس أو موضة. الاختيار يبدأ بفهم السياق التشغيلي، وبنية البيانات، والقيود التنظيمية، ثم بناء خط العمل كاملاً قبل التفكير في النموذج ذاته. طُلب من الطلبة إعادة ترتيب مراحل مشروع ذكاء اصطناعي من الصفر، لتوضيح أن النماذج تأتي بعد الفهم، وليس قبله.

انتقلت المحاضرة لشرح حدود الذكاء الاصطناعي التقليدي عند التعامل مع الأنظمة غير الخطية والمتعددة الوكلاء، مثل خطوط التجميع الصناعية، وسلوك الطيارين، وتفاعل الطواقم. هنا ظهر دور الرسوم البيانية كطبقة بنيوية ضرورية لفهم العلاقات والتفاعلات. هذا قاد إلى التحليل الدقيق لنماذج Transformers التي تعمل في جوهرها كمحرّكات رسومية مبنية على الانتباه.

بعد ذلك، تحوّل التركيز من النظرية إلى التطبيق. بالتعاون بين فرق علم الأعصاب والهندسة التشغيلية مع د. سامي ريما، عرض د. ربيع أمهز تجارب حيّة توظّف تتبّع العين، وكشف الأجسام، وبيانات السياق، والفيديو.

كشفت التجارب الصناعية تباينات واضحة بين بيئة العمل المنظّمة وغير المنظّمة. خرائط النظرات وتحليل التثبيتات أظهرت زيادة في الانحرافات البصرية وتشتت الانتباه عند غياب التنظيم.

توجّه هذه النتائج إلى مسار واضح: مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون متعدد الوسائط، واعياً بالسياق، مبنياً على الرسوم البيانية، ومتكاملاً بعمق مع الإدراك البشري. هذه الأنظمة لا تهدف إلى استبدال الإنسان، بل إلى تعزيز قدرته، وتثبيت انتباهه، وتأمين المعرفة التشغيلية الخبيرة في البيئات الحساسة.

اختُتمت المحاضرة برؤية واقعية ومتفائلة في الوقت نفسه. الذكاء الاصطناعي اليوم قوي لكنه غير شامل « فيلسوف ذو خبرة »، قادر على التوليد لا على الفهم الكامل. الاختراق الحقيقي يكمن في الارتباط العميق بين السلوك البشري المنظّم والنماذج البيانية متعددة المصادر. هنا يولد الجيل القادم من الإدراك المعزّز وصناعة 5.0 والأنظمة الرقمية القادرة على فهم الإنسان بقدر ما تساعده.

هذه المحاضرة لم تكن مجرد جولة في عالم الذكاء الاصطناعي، بل خريطة طريق نحو مستقبله، حيث يبقى الإنسان في المركز، مدعوماً بأنظمة ذكية تفهم التعقيد وتحوّله إلى معرفة قابلة للاستخدام

يمكنكم مشاهدة تسجيل المحاضرة كاملة هنا:

amhaz [at] unistra.fr لمزيد من التعاون في هذا المجال من العلوم والبحث يمكنكم مراسلتنا

Hi, I’m Ra Dev